الهرم، اللغز الحقيقي
من هنا نفهم أن المبانى المصرية هى لغز بكل ما تعنيه الكلمة، ومعجزة بكل المقاييس، أما باقى الأعاجيب السبع كما يطلقون عليها فلا تعدو كونها عملا رائعا ولكن ليس معجزا، فسور الصين العظيم مبنى من حجارة صغيرة وأعجوبته فقط فى احتياجه لعدد كبير من البشر وهو ما يتوفر فى الصين على مر الزمان، ولكنه لا يرقى لكونه إعجازا لا يمكن محاكاته من جديد، أما برج بيزا المائل فى إيطاليا فهو نتاج فشل مهندسيهم، وسيقع فى يوم من الأيام وأعجوبته فى أنه لم يقع سريعا وإنما استهلك وقتا كبيرا ليس إلا، فتلك عجيبة ولكنها ليست معجزة، وهكذا ... أما الهرم الأكبر فلا يمكن محاكاته حتى ولو بأحدث الأجهزة التقنية المتوفرة اليوم !! لذلك فهو معجز بكل المقاييس.
القدرة على بناء الأهرامات
هل الوازع الدينى للفراعنة (إن كانوا هم البناة) يمكنهم من البناء?
بمعنى لو افترضنا أن الوازع الدينى للفراعنة يحثهم على السفر للقمر فهل يستطيعون?
وهل البناء سواء تم بالحب والرضا كما يزعم علماء هيئة الآثار المصرية أو بالسخرة كما يزعم اليهود كفيل برفع حجارة تصل أوزانها بالأطنان??
إن هذا الحجر المعجز بالنسبة لنا لم يكن إلا طوبة بالنسبة لقوم عاد، أما بالنسبة للفراعنة ذوى الأحجام المماثلة لنا فهو مستحيل تماما، خاصة أنه لم يكن لديهم من أدوات وأجهزة ومعدات ما يمكنهم حتى من تقطيع الحجارة، فما بالنا بشطفها ونقلها ورفعها ! وحيث أن الفراعنة لم يدعوا أنهم بناة الأهرام وبالتالى لم يصفوا أى وصف لكيفية البناء، فبرز كل مدع ليزعم طريقة البناء ويطرح نظرية من خياله، وتعددت نظرياتهم التى لا تفلح للتطبيق العملى إلا فى أفلام الكرتون للأطفال، ولو كان الفراعنة هم بناة الأهرام فلم تكن لتتعدد النظريات وإنما كان هنالك علم يقينى واحد فقط
ربط دينى
إن تلك الرواية التى يؤكدها العلماء الغربيون "المحايدون" من وجود حضارة غاية فى التقدم سبقت الفراعنة بقرون طويلة لجأت إلى مصر بعد الغرق العظيم وأنهم البناة الأصليون للأهرام المصرية بسبب تفوقهم الغامض، ثم ورثهم الفراعنة بعد قرون طويلة ليسكنوا مساكنهم وينسبوها إلى أنفسهم " كما نسبوا لأنفسهم الألوهية "، تتشابه تماما مع قصة قوم عاد التى وردت بالقرآن العظيم
فهم خلفاء نوح من بعد الطوفان {وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِى الْخَلْقِ بَسْطَةً} الأعراف : 69
وقد ورد أنها كانت أقوى حضارة فى التاريخ البشرى على الإطلاق {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِى الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} فصلت : 15
وأنهم كانوا يتميزون بحجمهم العملاق حيث يناهز الواحد منهم طول النخلة بالنسبة لنا الآن {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ} القمر : 20، {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} الحاقة : 7 (لاحظ لماذا التشبيه بالنخل?)
وعندما أهلكهم الله حفظ مساكنهم من الدمار {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِى الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} الأحقاف : 25 لتكون لمن خلفهم آية
وأن الله أبقى مساكنهم من بعدهم واضحة مرئية للعيان {وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ} العنكبوت : 38
وذلك عبرة لمن خلفهم ليتعظوا أن من كان أشد قوة أهلكه الله {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَاراً فِى الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}غافر : 82
فبمجرد ريح أهلكهم الله {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} الحاقة : 6
ليعلم الجميع أنه لا هارب من الله ولا معجز لله رب العالمين {وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ} الأنعام : 134
ورغم ذلك سكن الفراعنة فى مساكنهم بلا عبرة أو اتعاظ {وَسَكَنتُمْ فِى مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ} إبراهيم : 45
فما يورده علماء الغرب المحايدون الآن هو هو ما يتفق وقصة قوم عاد لدينا فى القرآن الحكيم بدون أن يدروا ذلك.
وكل ما ينقصهم معرفته هو أن السبب الغامض لقوة تلك الحضارة الجبارة التى تعد أعتى الحضارات قاطبة يتلخص فى عملقة أجساد شعبها، إذ لم يكن هناك تقدم تقنى والمبانى كلها حجرية ولا يوجد أثر لجهاز أو معدن أو أى مادة غريبة، حيث مكنتهم قوتهم الجسدية بسبب حجمهم الضخم من تكسير وشطف ونقل ورفع وترصيص تلك الحجارة العملاقة
والدلائل كثيرة وشديدة الوضوح
فانظروا إلى حجم مكونات الأبنية من الحجارة العملاقة
إن أى مبنى يجب أن يتم تشييده من مكونات يمكن التعامل بها ويسهل استعمالها
ولم تستخدم الحوائط الجاهزة إلا بعد اختراع أوناشنا الحالية
فإن عطل الونش توقف البناء
وبناة الأهرام لن يكونوا بالغباء أن يقطعوا أحجاراً تعجزهم وترهقهم
لذا فالمكونات ضخمة تتناسب تماما معهم
فتلك الحجارة العملاقة بالنسبة لنا ما هى إلا طوب عادى بالنسبة لقوم عاد العمالقة
ولاحظوا النوافذ المرتفعة بمعابد الصعيد
تذكروا أحجام التماثيل الضخمة من بشر وكباش وصقور
حضاراتنا الآن تشيد التماثيل الضخمة للتعظيم، لكن تبقى مكونات البناء صغيرة فى حجمنا، أما الحجم الضخم للتماثيل المصرية فلم يكن للتعظيم وإنما تماثل لأحجامهم، والدليل هو حجم الحجارة المشيد منها التمثال
وهنا نسأل سؤالا بديهيا: أين هى أبنية قوم عاد التى تركها الله لنا عبرة لنتعظ?
هل يعقل أن تدفن فى الرمال أو تتهدم فى وقت يظهر غيرها من المبانى الوضيعة فى كل أنحـاء العـالـم? والقـرآن يشير إلى بقائها صراحة {وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ} العنكبوت : 38 ، {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} الأحقاف : 25
ومن خلال بحث عميق ومنصف ومحايد، يتضح هنا أن الأهرام والمعابد المصرية هى أبنية قوم عاد الحقيقية، وكذلك التماثيل العملاقة المسلات والأساطين.
تشابه أرض عاد والفراعنة
كشف لنا القرآن العظيم أن الأرض التى قطنها قوم عاد هى نفس الأرض التى قطنها الفراعنة، فالآيات التى وردت بهذا الصدد كما يلى:
أ) - كلتا الأرضين جنات وعيون
فعن أرض قوم عاد {وَاتَّقُوا الَّذِى أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ / أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ / وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} الشعراء :132- 133- 134
وأيضا أرض الفراعنة {فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} الشعراء : 57
ب) - لعنة أصابت الاثنين
فعن لعنة عاد {وَأُتْبِعُواْ فِى هَـذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} هود : 60
وعن لعنة الفراعنة {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِى هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ} القصص : 42
ترى هل هذا التشابه فى وصف الأرض بالجنات والعيون ثم استتباع اللعنة على كلتا الحضارتين دونا عن غيرهما كان صدفة? أم أن الفراعنة هم بالفعل خلفاء قوم عاد على نفس أرض مصر
تقول الآية الكريمة {وَسَكَنتُمْ فِى مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ} إبراهيم : 45، أجمع المفسرون على أن مساكن قوم عاد سكنت من بعدهم، أرى أن الفراعنة فى تلك الحالة هم الذين سكنوها.